الجمعة، 24 مايو 2013

عدنان إبراهيم ودعوى تحريف القران (النسخ).. عرض ونقد



بسم الله الرحمن الرحيم 

 استمعت لكامل خطبة د.عدنان إبراهيم حول إنكار النسخ في القران حتى أُدرك رأيه جيداً، وأقطع الطريق على من لا يجد حجة يقابل بها من يرد على د.عدنان إلا أن يقول: (هل استمعت لكلامه كاملاً) ؟
 أكبر ما يؤخذ على د.عدنان في هذه الخطبة هو ادّعاؤه أن القول بوقوع النسخ في القران هو تحريف للكتاب العزيز مع اعترافه بأن هذا القول هو قول معظم أهل السنة!
ولكَ أن تتصور: ما الذي يبقى لهذه الأمة بعد أن يكون معظم أهل السنة على مر قرونهم من لدن فقهائهم وأئمتهم في القرون المفضلة إلى هذا العصر محرفين للقرآن؟!
أفهم من ذلك أنهم إن تجرأوا على تحريف القران فلن يترددوا في تحريف السنة  فضلاً عن تحريف الفقه ومسائل العلم!
 وليته جعل قول الأمة من قبيل الخلاف السائغ -على الأقل- بل قام بحشد الأدلة الصحيحة (غير الصريحة) والأدلة الضعيفة على فساد وبطلان ووقاحة هذا الرأي المخالف له مايجعلك تعتقد أن قائل هذا القول صبي لم يُميز! مع أنه قد يصف -في موضع آخر- بعض القائلين بهذا القول الذي سفهه بالإمامة والتقدم في العلم والنظر حين يستدل بأقوالهم لرأيه!! 

إضافة إلى أنه قد التزم ببعض اللوازم الباطلة التي نشأت عن قوله هذا في الإنكار، وذلك كمثل ردٍّه للأحاديث التي تخالف هذا الرأي ونحو ذلك، ويكون أسهل شيء عليه هو وصف الحديث الذي يخالفه بالكذِب،
حتى ولو كان الحديث في صحيح البخاري أو في صحيح مسلم، دون اعتبار لإسناده أو موقف أهل الحديث منه، ودون أن ينظر: هل في إسناده مجال لاتهام أحد رجاله بالكذب أم لا! المهم أنه كذب عنده، ثم يصرح بأنه لايدري من يَدُس هذه الأحاديث! ويُبرئ الصحابة من عهدتها ويُحمّل الكذب أيادٍ مجهولة (أشباح) !!
 ولكي أُثبت كلامي السابق سأبدأ بذِكر الاتفاق على أمر النسخ، ثم أذكر تقبيحه للقول  بالنسخ في القران، ثم الأحاديث التي ردها ليستقيم رأيه.
فقد قال الآمدي في الإحكام "اتفق أهل الشرائع على جواز النسخ عقلاً وعلى وقوعه شرعاً، ولم يخالف في ذلك من المسلمين سوى أبي مسلم الأصفهاني"
الإحكام ص 467 ط. ابن حزم
وقال الباجي :"كافة المسلمين على القول بجواز النسخ، وذهبت طائفة ممن (شذّ) من المبتدعة إلى أن النسخ لايجوز"
وذلك في كتابه إحكام الفصول ص 391.
وقال الشوكاني "لا خلاف في جواز نسخ القران بالقران" إرشاد الفحول ص 627 ط.ابن كثير.
وذكرتُ هذا النقل عن الشوكاني لأن فيه ذكر الاتفاق على نسخ شيء من القران لأن موضوع خطبة عدنان إبراهيم عن النسخ في القران، وإلا فإن للشوكاني نقلاً آخر قوياً جداً في موضوع النسخ بشكل عام -وهو شامل لموضوعنا أيضاً- حيث قال "النسخ جائزٌ عقلاً، واقعٌ سمعاً بلا خلاف في ذلك بين المسلمين إلا ما يُروى عن أبي مسلم الأصفهاني فإنه قال: إنه جائزٌ غيرُ واقع، وإذا صح هذا عنه فهو دليل على أنه جاهل بهذه الشريعة المحمدية جهلاً فظيعاً. وأعجبُ من جهله بها حكايةُ من حكى عنه الخلاف في كتب الشريعة،فإنه إنما يُعتد بخلاف المجتهدين لابخلاف من بلغ في الجهل إلى هذه الغاية!"ص609
وأيضاً، فيما يتعلق بنسخ التلاوة في القران : قال البيهقي في السنن (8-211): «آية الرجم حكمها ثابت وتلاوتها منسوخة وهذا مما لا أعلم فيه خلافا" 
لا أريد الإطالة في نقل الاتفاقات فليس الموطن هنا موطن التفصيل في مسألة النسخ، وإنما نريد أن نبين كيف تعاملَ عدنان إبراهيم مع هذا القول؟
هو (يكاد) يعترف في النص الذي سأنقله عنه الان أن أهل السنة مجمعون على وقوع النسخ في القران وإن كان قد لمّح أو صرح بخلافه في موضع آخر.. إلا أنه وبجرأة تكاد تكون منقطعة النظير وصف اتفاقهم هذا بأنه تحريف للقران! هكذا بكل سهولة: أهل السنة متفقون أو يتفق معظمهم على تحريف القران!
حيث ذكر في خطبته بعنوان (لارجم في القران) من الدقيقة (45:07) من قناته على "يوتيوب" ما نصه:
 "الشيعة يدّعون -مُعظم علماء الشيعة- أن التحريف وقع في كتاب الله، لكن -بين قوسين- ومعظم أهل السنة والجماعة من عِند آخرهم يوافقون الشيعة في بعض هذا، ويَدّعون أن التحريف وقع في كتاب الله، خاصة حين يتحدثون عن نسخ التلاوة" 
انتهى كلامه بنصه.
وهذه هي المشكلة أن يصف القول المخالف له بقوله (يدّعون أن التحريف وقع في كتاب الله) و يعضد رأيه بقول الله "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ! ثم يقول ليس بعد كلام الله كلام لاتقول لي لافلان، لا علان، لا الأمة!
إن الاستدلال بهذه الاية هنا لإثبات أن النسخ ينافي حفظ الله للقران هو تسطيح رهيب للمسألة، وهذه الاية يفقهها كل من قال بالنسخ من العلماء ولم يستشكلها أحدٌ منهم، وكلهم أجمعوا إجماعاً قطعيا على أن تحريف القران كُفر، ولم يقل أحد منهم إن النسخ تحريف! بل أثبتوه وقالوا به!
فهل اتضح الخلل المنهجي في تصويره للقضية؟
إذن، انتهينا الان من نقطتين من ثلاثٍ، فأما الثالثة: وهي رد كل ما يعارض ما ذهب إليه دون أي تحقيق علمي، فبيانها كما يلي:
حديث عائشة في صحيح مسلم الذي فيه نسخ التلاوة والحكم لآية التحريم بعشر رضعات. قال ما نصه (عند الدقيقة 51:46 من المقطع) "هذا مما وضع. تقول إيه؟: وُضع في مسلم؟ ماليش علاقة بمسلم بالبخاري، أنا لي علاقة بكتاب الله، روحوا فتشوا ، هذا كتاب الله ما تلعبوا يا أخي.." انتهى.
ومن اللطيف أن النووي حين شرح هذا الحديث -في مسلم (1452) - ، قال "بعضهم زعم أنه موقوف على عائشة، وهذا خطأ فاحش، بل قد ذكره مسلم وغيره من طُرُق صحاح مرفوعاً من رواية عائشة ومن رواية أم الفضل" ثم ذكر أن بعضهم زعم أنه مضطرب فعلق قائلاً :
"وهذا غلط ظاهر، وجسارة على رد السنن بمجرد الهوى، وتوهينٌ لصحيحها لنصرة المذهب" انتهى كلام النووي.
 قلتُ: ماذا سيقول في حق من قال إنه موضوع!
مثال آخر -وهو أكثر جراءة من سابقه- حيث ذَكر أن قوما يثبتون نسخ الحكم في قول الله في آية الصيام "كما كتب على الذين من قبلكم" وأن مِن صيام مَن قبلنا أنه كان يحرم عليهم إتيان نسائهم ليلة الصيام، وأن هذا منسوخ بآية "أُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" والرفث هنا الجماع.
وردّ هذا النسخ ثم قال ولكن يُشكل عليه بعض الاثار وأشار إشارة سريعة إليها دون تفصيل.
وهذه الاثار هي التي فيها أن إتيان النساء في ليل رمضان كان محرماً على الصحابة أول الأمر،وأن أناساً كانوا يختانون أنفسهم فيعملونه، كما في نفس الاية "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم"
وبكل سهولة وجُرأة قال عن هذه الاثار "قصص يؤلفونها" !
 أريد تفسيراً علمياً لهذا الخبط العشوائي (وهذا أقل ما يقال بعد هذه الجُرأة على السنة)
من روى هذه الاثار؟ ما أسانيدها؟ ما موقف أهل العلم منها؟ كل هذا لايهمه . هي قصص مؤلفة رضيت أم سخطت، قال "لتتفق معهم قضية الناسخ والمنسوخ" 
وبهذا الكلام تشعر أن المفسرين والمحدثين إما لصوص وإما مغفلون صدّقوا هؤلاء اللصوص. فإن هذه الاثار التي يقول عنها "قصص مؤلفة" مروية من طرق متعددة ، ويذكرها أغلب المفسرين عند الاية، وأخرج بعضها البخاري (4508) بل ويعضدها ظاهر القران "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم"
فما هكذا يكون الإنصاف! وهل هذا هو هدي أهل العلم؟!  إن من أكبر الخطأ أن يكون إثبات المرء لإعماله عقله على حساب نسف عقول وجهود الآخرين.

وبهذا نكون قد انتهينا من الجزء الثاني من هذه الانتقادات.. وسننتقل بإذن الله في وقت لاحق إلى الجزء الثالث مع موضوع جديد.

حرر بتاريخ 15- 7 - 1434
alsayed_ahmad@

الخميس، 23 مايو 2013

خذلان الدين من أصحاب السابقة في الخير: وقفة من قصة الثلاثة الذين خُلّفوا !


بسم الله الرحمن الرحيم 
هذه قصة معروفة لكن فيها لفتة مهمة جداً أرجو تأملها جيداً:
تخلّف ثلاثة من خيار الصحابة عن غزوة تبوك، وفي الميزان العسكري لن يؤثر تخلف ثلاثة في جيش عظيم كجيش المسلمين الذي خرج إلى تبوك، خاصة وأن منهم من هو كبير في السن، ومع ذلك هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع إلى المدينة وأمر الناس بهجرهم خمسين يوماً.
ومن هؤلاء الثلاثة اثنان من أهل بدر الذين هم من أفضل الصحابة إن لم يكونوا أفضلهم على الإطلاق، ولك أن تتخيل من هو بهذه المنزلة من كِبر السن، والبذل للإسلام، والسابقة بالخير، ثم يهجره النبي ويأمر الناس بهجره خمسين يوما!
ولو قارنّا هذا بحالنا اليوم: لوجدنا أن كثيرا من أهل الخير يكاد يُنزه أناسا من أهل السابقة في العلم أو الدعوة أو البذل عن الخطأ المتعمد الفادح تجاه قضايا الأمة ونصرتها، ولايتصور في نفسه أن من له سابقة في مجال علمي أو دعوي أو جهادي قد يقف موقف خذلان يستحق الذم الشديد عليه (بل والهجر) كما فعل النبي مع هؤلاء الذين هم من خيار الصحابة وقاطعهم المسلمون، حتى نزلت توبتهم.
والفرق بين هؤلاء الصحابة الخيار وبين غيرهم أنهم اعترفوا بذنبهم، وتقصيرهم، وبكوا على خطيئتهم،
حتى أنزل الله في حقهم قرانا يتلى إلى يوم القيامة بقبول  توبتهم
 "وعلى الثلاثة الذين خُلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم
وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا" وكما أن مناَ من يعترف بتقصيره أيضاً ويستغفر الله من ذنبه ، إلا أن من أهل زماننا من لايرى عليه واجباً تجاه قضايا أمته، ومن ثم فلا يعترف بخذلانه ولا بذنبه.
مع أنه ليس فينا من قدم شيئا للإسلام مثل ما قدمه أهل بدر! ثم السؤال: هل مواقفنا في النصرة والخذلان أشد من فِعل الثلاثة أم أخف؟!!!
و بعد كل هذا : فكفى تمجيداً لأناس تمرغوا حتى الثمالة في أوحال الخذلان الواضح البين لقضايا الأمة، مع إصرارهم على ذلك
فكيف وقد جمع بعضهم مع الخذلان وعدم الاعتراف بالخطأ: المحادة للقائمين بالحق؟

فماذا لو كان هؤلاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟! هل سيكتفي بهجرانهم؟ الله أعلم لكن العمل  سيء جدا.
إن المنزلة عند الله بالثبات والعمل لا بالألقاب وقول الجماهير.


الاضطراب في الاستدلال بالسنة لدى عدنان إبراهيم..(حديث زُر غِباً..أنموذج)



بسم الله الرحمن الرحيم 


وقفتُ على مقطع للدكتور عدنان إبراهيم لا يتجاوز الدقيقة الواحدة، يتحدث فيه عن أهمية أن يكون الإنسان خفيف الظل على مخالطيه ومن يتواصل معهم حتى لا يكرهه الناس، ثم دعّم هذا الكلام بقوله - نصاً- : 
"النبي لما شاف واحد من الصحابة مش حنذكر اسمه؛ يقولك لك ها.. الشيخ بيطعن فيه بعدين، واحد من الصحابة، إيش أعمل له، ثابت عنه.. كل يوم عند النبي بدو ياكل.. رايح جاي رايح جاي.. طالع نازل..أكل أكل، يا أخي شوف غيري .. النبي يعني.. شوف غيري .. كل عند أبو بكر مرة، عند عمر، عند أبو ذر.. عند أي واحد! فالنبي في الأخير قال له - النبي ما قدرش يتحمل يا أخي، كُل يوم أنت ملازمني_ فقال له: يا أبا فلان: زُر غِباً تزدد حبا.. تعال مرة وغيب مرة.." انتهى كلامه في المقطع.
وله كلام في مقطع آخر يُصرّح فيه باسم الصحابي وهو (أبو هريرة) ، وأقول ذلك لئلا يأتي مُشغّب فيقول: هو لم يذكر اسم الصحابي، فالقضية لا تحتاج إلى معادلة معقدة ولا غير معقدة ليُعرَف الصحابي، فأي بحث عن الحديث سيوصلك إلى أن لفظه (يا أبا هِرّ -أو يا أبا هريرة- زُر غبا تزدد حبا)

وزيادة على ما في المقطع من تهجم بغير حق على صاحب من خيار أصحاب رسول الله، إلا أن المقطع -أيضاً- يكشف عن إشكال وخلل منهجي في تعامل د.عدنان مع الروايات، وأُجمِل الإشكالات في أربع نقاط:
1- تصريحه بأن سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة (زر غبا تزدد حبا) هو كثرة تردده لأجل الأكل.
2- ذِكره أن هذا الأثر -بهذا السبب- ثابت.
3- عدم تدقيقه في ثبوت الرواية مع شدة تدقيقه لما يعارض رأيه من أصح الأحاديث.
4- مخالفة منهجه في تضعيف الحديث الصحيح بالروايات المعارضة له.

فأما الإشكال الأول - بل الكارثة الأولى- : فمن أين أتى د.عدنان إبراهيم بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة "زر غبا تزدد حبا" كان بسبب كثرة  تردده على بيته ليأكل؟
بحثتُ في الكُتِب التي أخرجت حديث "زر غبا تزدد حبا" وقلبتُ في الروايات فلم أجد حتى ساعتي هذه رواية واحدة صحيحة ولا ضعيفة فيها أن سبب الحديث موضوع الأكل!!

والسؤال هنا: من أين جاءت هذه الزيادة؟! ممن أخذها د.عدنان ؟! هل اخترعها؟ أم نقلها عن المستشرقين وأذنابهم كأبي رية؟
 إن كان اخترعها فهذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم - ولا يصدر منه ذلك إن شاء الله-
وإن كان نقلها عن المستشرقين أو تلاميذهم كأبي رية - وهذا الذي لا أشك فيه- : فهل صار اليهود والنصارى وأذنابهم مصدقين في ذمهم لأصحاب نبينا؟ ثم أليس لديه أدوات لاختبارالمعلومات والتحقق منها؟!
على كل حال هذا هو السؤال الذي حيرني كثيراً ولازلت أطلب تفسيراً له من محبيه . 

والإشكال الثاني: فإن حديث "زر غبا تزدد حباً" من أصله ضعيف بكل طرقه وجميع رواياته، وإن حسّنه بعض أهل العلم فإن من ضعّفه منهم أجل قدراً وعِلماً.
فقد قال البزار -وهو من أجلّ من تكلم في هذا الحديث- : (لا يُعلم في "زر غبا تزدد حبا" حديث صحيح) 
<كشف الأستار 390/2 ط.الرسالة>
وذكر العُقيلي -وهو من كبار المحدثين- أنه ليس في هذا الباب عن النبي ‏ﷺ شيء يثبت<الضعفاء الكبير للعقيلي 532/2 ت.أحمد معبد>
ورجّح العُقيلي أن الأصح في هذه العبارة "زُر غبا تزدد حباً" أن عبيد بن عمير ذكرها من قول قائل من العرب.
 الضعفاء الكبير <158/3>
وليس انتقادي موجهاً لمن حسن الحديث أو صححه -وإن كنت أرى خطأ ذلك- لكن الانتقاد لمن يزعم أنه ثابت بالقصة المُصطنعة وهي التردد لأجل الأكل!

والإشكال الثالث وهوعدم تدقيقه في ثبوت الرواية مع تشديده فيما يعارض رأيه من أصح الأحاديث فهذا اضطراب منهجي في التعامل مع الرويات.
وحديث (زر غِباً) : بما أنه بهذه المثابة من الضعف،وقد تكلم فيه علماء الحديث سابقاً؛ فأين ذهب التدقيق في الروايات الذي رد به الدكتور كثيراً من أحاديث الصحيحين؟
وهل لو روي بنفس إسناد هذا الحديث شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم في مدح معاوية رضي الله عنه سيتم قبوله منه؟ أم سيرده في وجه صاحبه مع أبشع الألفاظ وأقسى العبارات؟! لا أرجم بالغيب، لكن أترك مجال الإجابة لمن يعرف رده لأصح الأحاديث بأتفه الحجج إن عارضت ما يذهبُ إليه !

والإشكال الرابع وهو أن من عادة الدكتور عدنان أن يُفتش عن كل ما يمكن أن يعارض الأحاديث الصحيحة التي يردها ليدعم رأيه، بينما لم يصنع شيئا من ذلك في هذه الرواية التي يعارضها أكثر من دليل صحيح!

فالمعروف أن أبا هريرة لازم النبي ‏ﷺ لأجل الحديث، وقد شهد له بذلك فقال "ماكنت أظن أن يسألني هذا السؤال أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث".كما في صحيح البخاري "٩٩"
ثم لماذا يُهمل الرواية الصحيحة في أن أباهريرة كان يخر في المسجد من الجوع، وذلك لانشغاله بملازمة النبي ‏ﷺ عن الصفق بالأسواق؟!
ثم هل كان بيت النبي ‏ﷺ معروفاً بأنواع الطعام الشهي حتى يُسيل لعاب أبي هريرة بزعم عدنان إبراهيم ؟ أم أنه عُرف بعكس ذلك؟

وأيضاً هل كان النبي ‏ﷺ ينزعج من أبي هريرة أم كان يفتقده حتى وهو جُنُب، كما في الحديث الصحيح "أين كنت يا أباهر" قال "كنت جنبا فكرهت أن أجالسك" فقال "المؤمن لاينجس" ؟!!
ثم إني لا أعرف من سيرة النبي ‏ﷺ أنه كان ينزعج ممن يطلبه شيئاً من المال، فهل سينزعج من صاحبه الملازم له بسبب الأكل؟
ثم إن في تصويره لأبي هريرة بهذه الصورة الدنيئة مخالفةً صريحة لدعاء النبي‏ ﷺ له بقوله "اللهم حببه إلى عبادك المؤمنين" كما في صحيح مسلم 2491
فالنبي ‏ﷺ يدعو الله بأن يُحبب عبده أباهريرة لعباده المؤمنين، و عدنان إبراهيم يُصور أبا هريرة بصورة المزعج للنبي بسبب بحثه عن الأكل في بيته!


اللهم إنا نحب أبا هريرة ونشهد أنه كان أمينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم,

حرر بتاريخ 13-7-1434 هـ 
وتمت التعديل فيه والزيادة عليه في تاريخ
17 - 10 - 1435 هـ
alsayed_ahmad@